الاتفاق على برنامج الحكومة يسهّل المحاصصة والحقائب

هل يفي المعلم بوعده فينتخب رئيس للجمهورية قبل القمة؟

الاتفاق على برنامج الحكومة يسهّل المحاصصة والحقائب

اميل خوري (النهار) ،

هل يفي وزير الخارجية السورية وليد المعلم بوعده وهو انه سيكون للبنان رئيس للجمهورية قبل موعد انعقاد القمة العربية في دمشق، ام ان سوريا كعادتها، تعد ولا تفي، وتقول شيئا وتفعل شيئا آخر، بعدما بات لدول كثيرة تجارب عدة معها في هذا المجال؟

لقد نجحت سوريا بعد خروجها عسكريا او اخراجها قسرا من لبنان وباعتراف خصومها، في ان يكون لها تأثيرها في مجرى الحياة السياسية عبر حلفائها في المعارضة ولا سيما بعد تكوين الثلاثي: "بري – نصرالله – عون" بحيث استطاعت من خلاله الحؤول دون قيام الدولة القوية القادرة والسلطة الواحدة كي تعطي مبررا لبقاء السلاح في يد "حزب الله" وفي يد التنظيمات الفلسطينية وتحول تاليا دون تنفيذ القرارات الدولية ولا سيما منها القرارين 1559 و1701.

ونجحت سوريا من خلال هذا "الثلاثي" المعارض في شل عمل المؤسسات في لبنان بابتداعها "هرطقات" دستورية، وخلق سوابق تتعارض واحكام الدستور، فجعلت من انسحاب الوزراء الشيعة من الحكومة سببا لاعتبارها غير شرعية او غير ميثاقية مع ان الدستور لا ينص على ان مصير الحكومة او وضعها القانوني والدستوري تقررهما استقالة وزير ينتمي الى اي مذهب، وجعلت مجلس النواب يقفل ابوابه في وجه الحكومة بحجة انها غير شرعية وبوجه النواب ايضا، فتعطل عمل السلطة الاشتراعية وقد ادى تعطيلها الى تحميل مجلس الامن الدولي مسؤولية اقرار النظام الاساسي للمحكمة ذات الطابع الدولي.

ونجحت سوريا ايضا من خلال الثلاثي: "بري – نصرالله – عون" في تعطيل الانتخابات الرئاسية، وجعلت اعلى منصب ماروني في الدولة خاليا الى اجل غير معروف ما لم يؤخذ بشروطها ومطالبها التي بدأت برفض انتخاب رئيس للجمهورية من قوى 14 آذار، وبرفض بقاء حكومة السنيورة ما لم يتم توسيعها باشراك ممثلين عن المعارضة فيها لتصبح حكومة "وحدة وطنية"...

وعندما تعذر الاتفاق على توسيعها ورشحت قوى 14 آذار النائب بطرس حرب والنائب السابق نسيب لحود لرئاسة الجمهورية، عمدت سوريا الى الالتفاف على هذا الترشيح بان جعلت الرئيس بري يعلن في مهرجان بعلبك ان المعارضة تتخلى عن المطالبة بحكومة وحدة وطنية في مقابل ان تتخلى الاكثرية عن انتخاب مرشح للرئاسة بالنصف زائد واحد والاتفاق على مرشح توافقي لا يكون من صفوف 8 او 14 آذار.

وعندما نجحت المساعي الفرنسية في جعل البطريرك صفير يضع لائحة باسماء المرشحين التوافقيين اسقطت سوريا هذه الاسماء الواحد تلو الآخر، وتبين انه كان في الامر خدعة سورية. عندها قررت قوى 14 آذار مفاجأة سوريا وحلفائها في المعارضة بترشيح العماد ميشال سليمان لرئاسة الجمهورية وهي مفاجأة لم تكن تخطر ببال احد لان لهذا المرشح عائق دستوري يصعب تذليله وعائق آخر هو معارضة وصول عسكري الى سدة الرئاسة الاولى لان هذه التجربة لم تكن ناجحة.
وبما ان سوريا وحلفاءها في المعارضة، ليس لديهما ما يبرر رفض المرشح العماد سليمان وهو توافقي بامتياز، فقد عمدا الى وضع "سلة مطالب" تعجيزية يحتاج الاتفاق على كل مطلب اشهرا ولا سيما مطلب وضع قانون جديد للانتخابات.

وتبين بعد الاتصالات والمساعي العربية ان هذه السلة ليست سلة حلول بل سلة مشاكل، وممنوع تنفيذ مطلب قبل الاتفاق على تنفيذ كل المطالب وذلك امعانا في استمرار تعطيل الانتخابات الرئاسية. فلو ان نيات سوريا ومن معها سليمة، لكانت وافقت على انتخاب العماد سليمان رئيسا للجمهورية وفقا للاصول الدستورية وتركت له العمل مع الرئيس الذي سيكلف تشكيل الحكومة على تمثيل كل الاحزاب والكتل الاساسية في البلاد لتكون حكومة وحدة وطنية، وان لا تكون الارقام او المحاصصة هما اساس الاتفاق، انما برنامج عمل الحكومة الذي سيتضمنه بيانها الوزاري، اذ ماذا ينفع ان يصير الاتفاق على توزيع المقاعد والحقائب ثم يصير خلاف على البرنامج فيفجر الحكومة من الداخل ربما قبل ان تولد. فبين الموالاة والمعارضة خلاف على عدد من النقاط في البيان الوزاري منها القرارات الدولية التي ينبغي التزام تنفيذها، ومنها قرارات مؤتمر الحوار الوطني التي اتخذت بالاجماع، ومنها ايضا وضع مزارع شبعا وتحرير الاسرى في السجون الاسرائيلية، كي لا يبقى سلاح خارج الشرعية، ولكي تصبح الدولة وحدها مسؤولة عن مواجهة اي عدوان او اعتداء على لبنان في اطار استراتيجية دفاعية توضع لهذه الغاية.

ان كل هذه الوقائع تدل على ان سوريا قد لا تسهل انتخاب رئيس للجمهورية في لبنان، ما دامت قادرة على ذلك بواسطة الثلاثي: بري – نصرالله – عون، الا اذا كان هذا الرئيس مواليا لها وتثق به ثقة مطلقة، ولكانت قبلت بواحد من المرشحين التوافقيين، ولا سيما منهم العماد ميشال سليمان ولم تضع شروطا تعجيزية لانتخابه يشكل الاخذ بها سوابق تجعل كل استحقاق رئاسي معرضا للتعطيل والعرقلة كلما قامت في البلاد معارضة مثل المعارضة الحالية، وكان وراءها خارج يحركها وفق مصالحه...
والسؤال المطروح هو: هل تسهّل سوريا انتخاب رئيس للجمهورية كي تسهل انعقاد القمة العربية على ارضها وتضمن نجاحها وتظل محتفظة بورقة تعطيل تشكيل الحكومة وخلق المتاعب والارباكات لهذا الرئيس الى ان يسلم لها بما تريد، ام ان انتخاب الرئيس الذي تريد يبقى اهم من انعقاد قمة عربية وما يتمخض عنها كي يقوم في لبنان حكم موال لها بكل ركائزه وسلطاته، وهذا اهم بنتائجه من اي قيمة؟!

يقول رئيس "اللقاء الديموقراطي" النائب وليد جنبلاط في حديث له ان النائب سعد الحريري لم يطرح "المثالثة" بل سأل: اذا قبلنا بها ماذا تريدون؟ فكان جواب العماد ميشال عون نريد البحث في الوزارات السيادية، ومعنى ذلك انهم يريدون الاستيلاء على وزارة العدل لتعطيل او تأخير تسليم مشتبه فيهم الى المحكمة الدولية او يعيدون النظر بتسمية القضاة، اذ ان هذه المحكمة عليها التنسيق مع لبنان لانها ذات طابع دولي. فاذا كان الحكم في لبنان مواليا لسوريا، فلن يتم تسليم المشتبه فيهم. ويريدون ايضا وزارة الداخلية كي يدمروا فرع المعلومات بعدما ارسلوا اليه رسالتين دمويتين، واحدة للضابط سمير شحاده، والاخرى للضابط وسام عيد وقد نجا الاول باعجوبة واستشهد الثاني، ويريدون ايضا وزارة المال كي يتحكموا بكل القرارات ويريدون "الثلث المعطل" الذي يعني الغاء الطائف الذي يقول اذا حصلت خلافات على بعض القرارات فيلجأ مجلس الوزراء الى التصويت، وممنوع ايضا على رئيس الوزراء ان يستقيل وكذلك على الوزراء وهذا يخالف النظام الديموقراطي والدستور، ولا يريدون تنفيذ القرارات الدولية بل "احترامها" فقط، فالنظام السوري وحلفاؤه استماتوا في تعطيل المحكمة واقفلوا المجلس لهذه الغاية.
ويختم جنبلاط بالقول: "يجب ان نصمد اقتصادياً وسياسياً، فالحل ليس قريبا. فهناك صراع وجود ولن يكون هناك راحة طالما ان النظام السوري مرتاح