الفنّ البعثي ومشتقاته

رامي الأمين ، الاثنين 3 آذار 2008

من مفارقات الوضع الداخلي اللبناني أن الوسط الفني فيه أيضاً يخضع للانقسام السياسي الذي يشطر البلاد إلى نصفين متضادين في التوجهات والمشاريع الإقليمية والدولية.
فالفنانة اليسا، أعلنت منذ مدة غير قصيرة أنها تؤيد حكومة الرئيس فؤاد السنيورة. قابلتها هيفاء وهبي في مقابلة مع نيشان بإعلان إعجابها وتأييدها للسيد حسن نصرالله.
ريما الرحباني، ابنة السيدة فيروز ومديرة أعمالها أعلنت هي الأخرى في مقابلة صحفية إنها من مؤيدي السيد حسن نصرالله، وزادت بأنها تعلّق صورة للسيد في منزلها. شقيق ريما، الفنان زياد الرحباني يجاهر بموقفه السياسي في منبره "الأخبار"، وله صورة شهيرة وهو يشارك في مهرجان الانتصار، لابساً قبعة صفراء كُتب عليها: "الوعد الصادق".

أيضاً، بعيداً من الرحباني، الذي نعترف له بعبقريته الفنية، غنى الأخ الممانع والمناضل(وليس الفنان، حتماً) وائل كفوري أغنيتين، واحدة لأحد أمراء السعودية، وأخرى للرئيس السوري بشار الأسد. يعني "ستة وستة مكرر" كما نقول في لغتنا اللبنانية الدارجة.
شمس الأغنية اللبنانية نجوى كرم لحقت بزميلها المناضل وغنت هي الأخرى أغنية لبشار في مهرجان "منحبك" احتفاءً بمبايعة الأسد بـ97% من الأصوات.
لم يتوقف الأمر عند هذا الحد. بطل الفروسية فارس كرم زايد على الجميع بأغنية من "كعب الدست" لقائده وتاج رأسه بشار الأسد.
ثم جاءت مفاجأة الموسم بغناء الشحرورة صباح للديكتاتور البعثي.

لم يمض وقت طويل على الحدث الكبير، حتى أتاها صدى الموال من وديع الصافي، الذي بدوره قدم أغنيتين للسيد الرئيس، لأن الأخير تكفّل بعلاجه في احد مستشفيات دمشق. ونسأل هنا لماذا لا يتكفّل الرئيس السوري، الحنون ورقيق القلب(!)، بإطلاق سراح معتقلي الرأي السوريين من أمثال ميشال كيلو، فايز سارة، أكرم البني، علي العبدالله، وغيرهم الكثير الكثير.

طبعاً لا ضير من التذكير بأن السيدة فيروز قدمت عرضاً مسرحياً لـ"صح النوم" في دمشق، بمناسبة إعلانها عاصمة للثقافة العربية، والحق يقال إن السيدة فيروز تختلف عن بعض الأسماء التي ذكرت آنفاً، بأنها لم تأت على ذكر أشخاص أو زعماء في أغنياتها، ولم تقم بالغناء لا لبشار الأسد ولا لغيره. بيد أن البقية، "شحارير الرياء" كما يسميهم الكاتب السوري المعارض صبحي حديدي، يغنون لسجّاني الحرية والرأي المستقل، ويتشدّقون بمواقف لا تأتي عليهم، حسبما هي عاداتهم، إلا بالمال المسروق من جيوب المواطنين السوريين الأحرار